السبت، 16 فبراير 2019

1.1.1.



على أية نافذة وقفت
أراقب الزمن المدفون؟
ب. ن. 



من ذاك الزقاق، من رائحة الجدران المتغضنة الرطبة، و من ضوء العيون المتسائلة جبلت أنا. لو كان الأمر بيدي، لخرجت لأسير ، وأغني عبر الكون، لكن صدرت عني صرخة حادة، ماتزال تطاردني حتى اليوم، في بطون الكتب، و على  وقسمات وجوه أولادي. أما الراهبة التي تلقتني عاريا بيدين بيضاوين  فضحكت، وهي تسلمني لأمي التي احتضنتني بعينين عسليتين لامعتين كما ظلت تفعل دائما، حتى أعارتهما ذات يوم للنجوم.
من على الشباك المعدني لنافذة  ألعنبر الكبير الذي أخذوني اليه، كان ثمة عصفور ملون يتلصص ، طار فجاءة عندما هسهس في الجوار غصن مثقل. أبريل وجدتي والزمان كانوا في انتظارنا، وبعد العصر أحضر أبي معه العربجي.

"حظاً سعيداً" ... قالت راهبة اخرى وهي تودعنا بابتسامة.
"حظا سعيداً" ... رددت أمة من الطيور على جانبي الممر.



×××××××


أليست حياتنا نفقاً
بين وضوحين غامضين؟
ب. ن.

             قادتنا مجموعة من الاشجار  المصطفة على جانبي الممر بصبر إلى المدخل الحجري الكبير للمستشفى، تلاحقنا عيون متطفلة لقطتين عابثتين مسترخيتين على كرسي معدني. كنت أتامل السماء من خلال عيني النصف مغمضتين، مستمتعا باهتزاز ذراعي جدتي التي كانت تحملني ككنز ثمين. توقفنا لبرهة حتى عبرت سيارة نقل كبيرة من مخلفات الحرب الأخيرة، وبعدها أشار والدي الذي كان لايزال غير قادراً على أن يخفي اضطرابه لكي نعبر الطريق الصاعد، باتجاه عربة الحنطور التي كانت في انتظارنا . كان في عينيه نظرة من يستجمع ذكرى مبهمة لم يستطع تمييزها تماما، لكن صراخ دجاجة مذعورة عبرت الطريق بخطى سريعة مختلة، قطع حبل افكاره.

في الجهة الترابية المقابلة، إستقبلنا العربجي و كلب هزيل كان يتشمم بعض البقايا، هازاً ذيله وهو يتأمل مجموعة المختالين التي كانت ترافقني، أما حصان العربة فلم يكترث و واصل التحديق باتجاه الهضبة الجنوبية الواطئة، من حيث جاء اسلافي. أو لعله كان ينام بعينين مفتوحتين، مثلما تعودوا.  

و انطلقنا باتجاه المنزل على ايقاع تاك .. تاك.. تاك... الذي كانت تصدره حوافر الحصان بطريقة رتيبة، مما جعلني أستغرق في أفكاري الخاصة، مخرجا بين وقت وآخر طرف لساني قليلا مما كان يبعث علامات السعادة في مجموعتي الصامتة.